بسم الله الرحمن الرحيم
إن مبدأ الشهادة بشكلٍ عام، وخاصة في الإسلام، شائك جدًا. وبما أنَّ الفرد منّا لا يستطيع إبداء رأيًا واضحًا في كثير من الأمور هذه الأيّام، وقبل الدخول في صميم الموضوع، سأقول رأيي بكلّ وضوح: إنني أدين بشدة قتل غير المسلحين، سواء كانوا تابعين للحكومة أم لا، عسكرين أو متمردين. إنني على رأي الإمام مالك والأوزاعي القائل بأنه لا يجوز قتل المدنيين حتّى لو كان الأمر ضروريًا من الناحية العسكرية، فهذا أمرٌ غير مقبول بالمرّة. إنني أفكر أنه مهمًا لنا كمسلمين أمريكيين الإعراب عن قلقنا لكلّ الناس، ليس فقط الأمريكيين ولا المسلمين، علينا التحدث وإدانة الهجوم على جميع المخلوقات بغضّ النظر إن كانوا مسلمين أم لا.
سأخبركم عن فيلمٍ صُوّر في شيكاغو (حيث كانت دراساتي العليا) يحكي قصة رجلٍ يسعى خلف موته. في هذا الفيلم، أغرب من الخيال (2006)، الّذي يقوم ببطولته ويل فريل، يكتشف البطل كاتبة تكتب كتابًا يحاكي حياته-وحرفيًا يتحكّم هذا الكتاب في وجوده، فيقرر الذهاب إليها وسؤالها عن النهاية الّتي وضعتها لهذا الكتاب، فيجد أن نهاية البطل هي الموت في المستقبل القريب عند إنقاذه لطفلٍ قبل دهسه الأتوبيس ولكن، بدلًا من تغيير هذه النهاية، يستسلم لها، ويمضي إليها بإرادته مفسرًا الأمر للكاتبة بأنه لا يتخيّل موت أفضل ولا أكثر شاعرية من هذا. لندع هذه الصورة نصب أعيننا، ولنجعلها محور حديثنا.
كانت كتابة هذا المقال محاولة للإجابة على السؤال الّذي يجول بخاطري ووجداني منذ سنوات، تحديدًا منذ أحداث 11 سبتمبر المريعة، ذلك اليوم الّذي-على الأقلّ في حياتي-يفصل العصر الذهبي الهادئ للشباب المتفائل عن العصر المادي المُنهك الّذي نحياه. ولكن، لا يستطيع أيّ مسلم إنكار منزلة الشهداء عند الله، وذُكر هذا كثيرًا في القرآن. فهؤلاء المسلمون الّذين يموتون "في سبيل الله" ينعمون في الدرجات العُلى في الجنّة، فهم غير أموات بل أحياء خالدين كما يقول القرآن،" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (3:169)
حتّى أجساد الشهداء في الإسلام لا تُغسّل عند الدفن، كما أنهم لا يعانون من أهوال وعذاب القبر، ولا يضطروا أيضًا لانتظار يوم الفصل لينالوا جزاءهم.
بكلّ تأكيد، ليس الموت في المعركة السبيل الوحيد للشهادة في الإسلام، بل إن الّذين يموتون مظلومين أو من انتهت حيواتهم بابتلاءٍ من الله أيضًا شهداء؛ فمن قُتل دون ماله (مثل زميلي في جامعة شيكاغو أحمدو سيز، رحمه الله، الّذي قُتل ذات ليلة في هايد بارك)، والغَرِق، ومن مات وهو يعمّر مسجدًا أو صاحب الهدم، وكذلك المرأة الجُمْع، والمطعون، ومن قُتل دون أهله، ومن مات وهو يقول كلمة الحقّ عند سلطان جائر، ومن مات سجينًا أو القابض على دينه وقت المحن؛ حتّى العاشق الّذي يعف نفسه ويكتم حبه، إذا مات فهو شهيد. (كما جاء في حديث "مَن عشق فعفّ فكتَم فمات فهو شهيد")[1] ويوجد حديث "ضعيف" يضع التاجر الأمين في منزلة الصديقين والشهداء... فهل يُفهم من الحديث أن التجّار الأمناء قليلين؟[2] ومع ذلك، في القرآن والأحاديث، الشهيد في المقام الأوّل هو مَن يموت مجاهدًا، "يجاهد في سبيل الله"، وهؤلاء هم من يُقتلوا بقسوة وقت المعركة. وهنا تتجلى سخرية القدر، فنحن المسلمون الّذين يُمدح كتابهم المقدّس(القرآن)الّذين استُشهدوا في المعارك، اليوم في أي وقتٍ نسمع عن استشهاد أحدهم، لا يكون إلّا من خلال وسائل الإعلام الإخبارية الّتي تُعلن عن مقتل المدنيين الأبرياء في تفجيرٍ استهدف سوقٍ محلية. كيف يمكن التوافق مع هذا الصراع المرير؟ كيف يجب فهم الشهادة؟ فهذا مأزق (من عديد من المآزق) الّتي تواجه المسلمين اليوم.
دائمًا ما تتحوّل المناقشات حول مفهوم الشهادة في الإسلام إلى الحديث عن الهجمات الانتحارية و"مفهومها في الإسلام". وكالعادة عندما أجيب تساؤلات طلابي في أي وقت عمّا يقوله الإسلام والشريعة الإسلامية في أمرٍ ما، يوجد دائمًا أكثر من إجابة؛ فلا يوجد حالات استثنائية في السعي المُتعمَّد خلف الموت في المعارك، وإباحة قتل المدنيين.
بالطبع، ينبغي ذِكّر أنه لا يوجد عالم مسلم من الأوّلين أباح القتل المُتعمّد للمدنيين؛ وهنا لا تتوافق الشريعة الإسلامية مع ضرب الحلفاء لمدينتي دريسدن وطوكيو بالقنابل عام 1945، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 35 ألف و100 ألف مدني على التوالي ولم يكن له أيّ داعٍ عسكري (في ألمانيا، أظهرت تقييمات حكومة الولايات المتحدة أن 24% من القنبلة سقطت على أماكن سكنية وتجارية، وأن 19% من المصابين كانوا أطفال تحت سن الـ16... في اليابان، كان الوضع أكثر سوءًا)[3] تظهر خلافات شائكة ومتوقعة، تشبه سياسات حكومة الولايات المتحدة، بين علماء المسلمين عندما يسأل أحدٌ ما عن جواز قتل غير المسلحين إذا اختلطوا مع جيش العدو، أو إذا استُخدموا كدروع بشرية. يجمع بعض علماء المسلمين السُنّة على أن قتل المدنيين الأبرياء ربما يكون أمرًا حتميًا إذا وُجدوا مع العدو-ولكن ما عدا ذلك يُحرّم كليًّا الاستهداف المُتعمّد للمدنيين؛ يعادل هذا الرأي سياسة حكومة الولايات المتحدة الخاصة بتجنّب "الأضرار التبعية" بقدر الإمكان ويتوافق مع مبدأ التأثير المزدوج الموجود في النظريات الغربية والمُستخدّم وقت الحرب. بينما أكدّ بعض العلماء الآخرين على أهمية الحذر؛ ومثال ذلك، العالم الإمام مالك، ظهر في القرن الثامن، والعالم الأوزاعي اللذان أعلنا أن قتل النساء والأطفال غير مقبول أبدًا. أمّا في مسألة جواز قتل المسلم نفسه في سبيل قتل العدو، فرأي جمهور العلماء عدم جوازه، بسبب حُرمة قتل النفس في الإسلام. يجوز للمسلم القيام بعملٍ بطولي قد يؤدي بلا شكٍ إلى موته مثل الجنود الأمريكيين الّذين يحصلون على أوسمة الشرف ولكن، هذا ليس كقتل الرجل نفسه عن طريق قتل العدو-لا يُعدّ هذا انتحار لأن القائم بعملية القتل (القاتل) ليس هو نفس الشخص الّذي يُقتل.
لا أودّ التركيز على رأي الشريعة الإسلامية في مسألة الهجمات الانتحارية لأنني لا أعتقد أن هذا يشكّل معضلة قانونية حقيقية عند عموم الأمريكيين. فالأمر لا يعني بالمسموح به والممنوع عنه، ولكن يعني بردّنا على المعاناة والظلم. إنه يهتم بالمشاعر والإدراك لا بالأحكام والقوانين؛ وهذا يذكّرني بالمقال المُميّز المنشور على موقع Onion Point/ Counter Point والّذي تضمّن ردًّا فائق الروعة على أحداث 11/9. ناقش المقال نقطتين، الأولى "يجب الانتقام من الغضب الأعمى"، والثانية "يجب الانتقام من الغضب الوسطي المعتدل".
مثال بسيط:
بعد إنهاء حياة الجحيم الّذي لا يُطاق لهؤلاء السفلة بالقنابل، علينا إرسال القوات المُدججة بالسلاح لاجتياح وإبادة أيّ شخص يُشتبه في صلته بهم. وعلى الجنود الأمريكان طاعة الأوامر كلّها وعدم التوقف، إلّا لاستبدال ذخائرهم. ولكن يتعارض هذا مع ضرب أفغانستان، والعراق، والسودان وليبيا بالقنابل الّذي قد يبدو مُبررًا...وبعد تأكّدنا من الدعم الكلّي لنا من قِبل القوى الرئيسة في المنطقة حتّى لا نتعرض لمشاكل أخرى بعد تفجيرهم وعودتهم للعصر الحجري؟
يوجز هذا النقد الهجائي الرائع (إن كان حقًّا كذلك) الرغبة البدائية الزائدة عن الحد في الانتقام الّذي اجتاح أمريكا، لأسباب مفهومة، بعد أحداث 11/9. لا يهم الرأي الّذي سنتبناه في النقاش، فكلاهما سواء، يجب دحضهما. والآن، لننتقل لبرهة بعيدًا عن ألبوم "اقتلهم جميعًا" الغنائي إلى صورة امرأة أفغانية عجوز ضئيلة الجسم تساعد حفيدتها برفقٍ في ارتداء حذاءها الأوّل. هل يمكن بأيّ شكل المطالبة بإبادتيهما للانتقام؟ حقًّا يرتبط مبدأ "لنقتل أو لا نقتل" بالمشاعر أكثر من المبادئ. قد يطالب رجل عربي بإغراق اسرائيل في البحر، ولكن، هل يمكنه رفع صوته حين يرى أمّ اسرائيلية مُسنّة تنتحب وتنتظر بفارغ الصبر أخبارًا عن ابنها المفقود؟ هذا هو ما أودّ التركيز عليه: المشاعر وليس القانون.
تتجلى المفاهيم العاطفية والغريزية في أمريكا عند الحديث عن الهجمات الانتحارية؟ ولكن، ما معنى الهجمات الانتحارية؟ للتوضيح أكثر، ماذا عن الهجمات الانتحارية الّتي تروّع الجميع؟ أعتقد أن ما يحزننا هو حقيقة استهداف هذه الهجمات بقسوة بشكلٍ عام المدنيين الأبرياء. هذا أمرٌ واضحٌ جدًا ولكن، ماذا إن كانت هذه هي القضية، وما رأينا في تلك الهجمات وعن غضبنا منها؛ هذا ما سيوضحه المقال. لقد أوضحت سالفًا معارضة جمهور العلماء المسلمين لقتل المدنيين، وأن كلًّا من الشريعة الإسلامية وسياسات الولايات المتحدة العسكرية تتقاسمان أيّ التباس حول هذه المسألة بكلّ أسف. (وفي استطلاع للرأي، أُجري عام 2007، وجد أن 6% من الأمريكيين يشعرون أن "الهجمات الّتي تستهدّف المدنيين مُبررة كليًّا." واتفق معهم 4% فقط من السعوديين و2% من الإيرانيين. وفي استطلاع آخر للرأي، أُجري عام 2017، حول السؤال عما إذا كان "استهداف وقتل المدنيين أمر يمكن تبريره في سبيل المصلحة الدينية، أو الاجتماعية أو السياسية" وجد أنه من ضمن84% من مسلمي الولايات المتحدة الّذين شاركوا، قال 76% أن الأمر نادرًا ما يكون مبررًا، و8% فقط قالوا بأنه مبررًا. وبالمقارنة بالاستطلاع الّذي أُجري لعموم الأمريكيين، فإن 59% فقط منهم قالوا بأنه أبدًا غير مُبرر).
لكن من الواضح أن الهجمات الانتحارية تُسبّب نوعًا خاصًا من الفزع لنا؛ فلقد صنع هذا النوع من الهجمات اسمه بعد كل هذا لسببٍ ما (بالتساوي مع القنبلة الانتحارية المروّعة). تشعرنا تلك النزعة الانتحارية-قرار المهاجم\المهاجمة بإنهاء حياته بهذه الطريقة العنيفة-بالانقباض، ويتضّح هذا من الجدال الغريب الّذي ظهر في أمريكا حول مفهوم مصطلح "القنبلة الانتحارية"؛ ففي عام 2003 بذلت كوندليزا رايس وآخرون مجهودًا لم يدم طويلًا لاستبدال هذا المفهوم بمصطلح "القتل الجماعي" فكانوا كما لو أنهم خائفين من أن يُحدث هذا الانطباع تأثيرًا عكسيًا يعود فقط على الفاعل. كانت رايس تحاول قول أن القاتل ليس راهبًا بوذيًا يرمي نفسه وسط النار ليحتج، لكنّه قتلًا جماعيًا. وتكمن صعوبة هذا المصطلح "القتل الجماعي" (ربما يشبه "ضربات مضرب البيسبول العنيفة") في انجذابنا إلى العنصر الانتحاري منفّذ الهجمات.
لنفترض أن هذه النزعة الانتحارية تتلاعب بضمائرنا...وأن هناك شيئًا لا يمكننا فهمه أو نأمل ألّا نفهمه في اختيار شخصًا ما الموت وهو يقتل الآخرين. لقد افترض العلماء دوافع متعددة للهجمات الانتحارية: كالهرب من القمع السياسي، الرغبة في الموت الجماعي، التضحية الاجتماعية، أو التدبير السياسي\العسكري. قد تكون تلك الدوافع كلها سليمة ولكنني أفضّل تركها والالتفات لشيء أكثر شمولًا وقدامة.
سأتوقف هنا لأضع نُصب عينيك مشهدين؛
الأوّل، مشهد مناخي من الفيلم الشهير يوم الاستقلال 1996 (مؤخرًا، كان هناك بقية... ستضطر إلى انتظار طائرة المراقبة). حين أوشكت سفينة النقل الحربية العملاقة المنيعة على تدمير واحدة من قواعد الإنسانية الأخيرة، أمال راندي كويد، الفقير السكّير سابقًا الّذي يملك خبرة ضئيلة في الطيران) مقدمة طائرته الـF_18 على الجزء المُعرّض للخطر في سفينة النقل وفجّر طائرته مضحيًا بنفسه ومدمرًا العدو. شاهد أطفاله الهجوم من خلال شاشة موضوعة في القاعدة الموجودة في قاع السفينة، التفت إليهم القائد وقال: "قام أبوكم بعملًا شجاعًا جدًا؛ عليكم الفخر به." قال أحدهم: "أنا كذلك". ونحن، المستمعون، اتفقنا على أنه عمل ذو قيمة ويستحق التقدير، فيا لها من ميتة نبيلة!
والمشهد الثاني هو قصة من حياتي الشخصية. يومًا ما كنت في صحراء مصر الغربية، قريبًا من الحدود الليبية مع بدو من قبيلة أبناء على، لحضور حفل زفاف، قابلت رجلًا يُدعى أبوبكر. جاء أبو بكر للخيمة الّتي كنا فيها على جمل، ترجّل بتوعد وقوة، وبدأ يعطيني درسًا غير مرغوب به عن الدين الصحيح. وفجأة وسط درسه، نظر إليّ وأشار إلى رأسه قائلًا: "أريدُ رصاصة هنا، في الجهاد." أستطيع القول بكلّ صراحة أنه خلال السنوات الّتي سافرت فيها لم أكن مرتعبًا كما كنت في تلك اللحظة، وأبدًا لم أتفادى الخروج من المنزل كما فعلت هناك.
من حينها وأنا كثيرًا ما أفكّر فيما شعرت به عندما قال أبوبكر كلامه، لماذا كنت مرتعبًا؟ هل بسبب الأحكام المُسبقةـــــ لأنه كان عربيًا مسلمًا، ولأن الجهاد يعني قتل من يشبهونني وعائلتي؟ لماذا كنت خائفًا مما كان يقوله ولماذا تأثرت بالموت البطولي لراندي كويد في فيلم يوم الاستقلال؟ هل كانت الرغبتين مختلفتين إلى هذا الحد؟ أراد الاثنان الموت في سبيل هدف نبيل، من وجهة نظريهما. ولكن، بدا أن الاختلاف الوحيد بينهما كان إذا كانوا في جبهتنا في القتال أم لا. كنت أسير في شوارع القاهرة بعد أشهرٍ قليلة من الحادثة وبعد أن فهمت المصريين: أعتقد أنه لا توجد ثقافة في هذا العالم لا تقدّر قيمة الموت الحسن، الموت النبيل.
يحكي الفيلسوف الإغريقي هيرودت (تُوفي عام 420 قبل الميلاد) عن اللقاء الّذي حدث بين كروسيوس، ملك ليديا القوي، ومشرّع القوانين الأثيني سولون، فيقول: سأل كروسيوس سولون من هو الأسعد، الأكثر حظًا الّذي قابلته في حياتك، وتوقّع بالطبع ذكر سولون لاسمه لأنه ملك غنيّ، ولكن سولون ذكر اسم رجل أثيني بسيط يُدعى تيلوس؛ فتيلوس عاش عمرًا كاملًا في مدينة مزدهرة، وله أولاد عاشوا حتى بلغوا، ويسعد مع أحفاده، وأخيرًا "مات ميتة مُشرّفة" في المعركة حين كان يدافع عن اليونانيين. ويمكننا رؤية مشهدًا مشابهًا في مجلدات هيرودت، الفيلم الأكثر فائدة 300؛ وفيه، يفسر واحدًا من مقاتلي أسبرطه الأبطال (يقوم بدوره مايكل فاسبيندر) مواجهته، تقريبًا، بعض الرماح المميتة لقبائل العدو البشع بسبب رغبته في "ميتة نبيلة"، حرفيًا ميتة مشرّفة في معركة أسطورية ضد العدو المتغطرس.
ما الّذي يجعل تلك الميتات مشرّفة جدًا وسعيدة جدًا؟ حسنًا، يخبر سولون كروسيوس أن موت تيلوس في المعركة كان مشرّفًا لأن أهالي أثينا احتفلوا به وتذكّروه. ويخبرنا هيرودوت أنه يعلم أسماء كلّ واحد من ال 300 أسبرطي الّذين حاربوا في ثيرموبيلا، وكم سيكونوا سعداء لو عرفوا أنه بعد مرور ألفين ونصف عام يشاهد الأمريكيون "موتهم الجميل" على الشاشات. في العالم القديم، يتذكّر الناس ويحتفلوا بالموت الجميل والمُشّرف. إنه الموت الّذي يسمح لك بخداع الفناء، والبقاء في ذاكرة البشرية، والحصول على جزء من الخلود. وهذا ما يسميه اليونانيون كيليوس أو المجد والشهرة، وهو نفسه الأكسير الخالد في الذاكرة الّذي جعل العرب في الجاهلية يسمونها الحسب والمآثر، تلك الأعمال البطولية الّتي تُنشَد في الملاحم، وهو ما جعل شبح أجمامينمون يحسد شبح أكيليز في الجانب الآخر من الأرض "حتّى في الموت لن يموت اسمك أبدًا... المجد العظيم لك يا أكيليز، في كلّ وقت، وفي عيون كلّ البشر."[4] إنه هذا المجد الّذي يعزي بمرارة الرجال العارفين بفنائهم. يقول بيندر (تُوفي عام 440 قبل الميلاد): " لا تنخدع بالتدبير الخادع، المجد يلاحق الرجال، المجد وحده، وفي الموت، يكشف عن أعمال الرجال في الحياة لآلهة الغناء والقصص."[5] في الأسطورة الغربية الكلاسيكية العظيمة، الإنياذة، ملحمة شعرية كتبها الشاعر فرجيل (تُوفي عام 19 قبل الميلاد)، يزور البطل إينيس قرطاج خلال رحلاته لروما من مسقط رأسه المُخرّبة طروادة. فيما بعد، عندما يقاتل إينيس والطرواديون أهالي روما الأصليين لتحطيم أسوار روما العالية، قام اثنان من مقاتلي طروادة، نيسوس وايريالوس، بمهمة انتحارية لينالا المجد. قطع ايريالوس مجانق العدو، وأقحم نيسوس نفسه في صفوف العدو، وكما يقول: فرجل، "أقحم نفسه مباشرة بين الأعداء، وعجّلت إصاباته الكثيرة بموته البطولي". يتوقف فرجل، الراوي، عن صمته الروائي ويتحدّث إلى البطلين اللذين سقطا: يا سعيدا الحظ! لو صدقت أغانيّ، فلن تخرجا يومًا من حسابات الذاكرة في المستقبل، طالما يصنع أطفال إينيس منازلهم حول صخرة Capitoline، ويحكّمنا جميعًا الأب الروماني.[6] سنجد الفكرة ذاتها إذا نظرنا لإرثنا الشمالي هنا في أمريكا (أحيت neo-pagan blackbusters كثيرًا منه خلال سلسلة أفلام ثور)، ويتحدّث الأنجلو-ساكسون القدماء عن دوم، باعتباره المجد الواجب أن يناله المقاتل لينعم بالذكر الخالد.
يقول بيوولف لأصدقائه ومتابعيه عندما تطوّع للذهاب وقتل أمّ الوحش(جريندل)، "على كلّ منّا العيش ليرى نهاية حياته في هذا العالم. فدعوه، هذا الّذي يعمل من أجلّ المجد قبل موته". وبينما يحارب بيوولف عدوه الشيطاني، يخبرنا الراوي، "هذا ما يجب على الرجل فعله إذا أصرّ على الفوز بالمجد الأبدي، لن يفكر ولو للحظة في حياته."[7] إن السعي وراء الموت الجميل عمل شديد الأنانية، لأن المجد هو السبيل الرئيسي للخلود في هذه الدنيا، والموت البطولي في المعركة هو طريقه الأسرع. وكما تقول المرأة الحكيمة: ديوتيما في ندوات أفلاطون، "هل تعتقد أن أكيليز قد مات من أجل باتروكليس... وإذا لم يكن قد توقّع خلود فضائلهم، فأيّ منهم نال الشرف؟[8] في الإسلام، تتداخل الشهادة مع المصلحة الشخصية؛ فلم يضحي الشهداء المسلمون في التاريخ الإسلامي بأرواحهم فقط من أجل مجتمعاتهم، وعائلاتهم أوفي سبيلهم، ولكن، يسعى المسلمون للشهادة لخداع الموت، تمامًا مثل البحث عن المجد الخالد. فالشهادة تُوصف في القرآن بأنها لغة التجارة، ويخبرنا الله عز وجل عنها: "اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9:111).
بالرغم من أن أوّل شهيدة في الإسلام كانت امرأة-سمية التي عُذّبَت حتّى الموت بسبب إيمانها-إلّا أن الشهداء المشهورين في العهد الأوّل للنبوة يمثّلون هذه النزعة الذاتية والرغبة في الجنّة والخلود. أثناء غزوة بدر، تأهب عمير وعوف للمعركة، وصاح عمير قائلًا: "لئن حييت حتّى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة"، وسأل عوف النبيﷺ "يا رسول الله، ما يضحك الربّ من عبده؟ قال: "أن يراه قد غمس يده في القتال، يقاتل حاسرًا". كلًّا من عمير وعوف، عوف بدون أيّ سلاح، ألقى بنفسه على العدو وقاتل حتّى الموت. وعندما هددت قريش الرسول ﷺفي الهزيمة في أحد قال لمن حوله: " من يردّهم عنّا وهو رفيقي في الجنّة"، أسرع رجلٌ يدعى وهب للزود عنهم فقال له الرسول ﷺ: "أبشر، لكَ الجنّة". وحينها غمس وهب نفسه بين صفوف العدو فأدهش الجميع، وكان يضرب صفوف الأعداء بسيفه حتّى وصل لأخرها، ثمّ استدار عائدًا ودخل في الصفوف مرّة أخرى، وقاتل حتّى قُتل.[9] تشبه الرغبة في حسن الخاتمة عند المسلم العطش للمجد في الثقافة اليونانية-الرومانية، والشمالية أو الغربية الحديثة،[10] ولكن يوجد فرق جوهري واحد بينهم. وهو أن شهداء المسلمين لم يضعوا ثقتهم ومصداقيتهم في الشعر، والتاريخ، أو صناعة الأفلام إنما في الله العليّ. لا تختصّ فضيلة الموت في سبيل الله بالإدراك البشري فقط، وهذا ما توضّحه الأسطورة اليابانية الخالدة "كنز الحاشية المخلصة" (تُعرف بمقاتلي الساموراي الـ 47، وهو أيضًا فيلم أُنتج عام 2013 وفيه يخطط 47 من الساموراي للانتقام لقتل سيدهم، ثمّ يقوموا بطقس انتحاري). يخبرنا الفصل الأوّل من الحكاية، "إن لم تُذاق أشهى الأطعمة، ستظلّ مجهولة وستفقد مذاقها"،[11] وكما يقول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد للذين طالبوه أن يكون ذا أخلاق وشرف: أرى قبر نخام بخيل بماله كقبر غويٍ في البطالة مفسد[12] تحدد الأسطورة اليابانية والشاعر الجاهلي الخطر بوضوح: بدون التذكّر الإنساني، ليس للمجد أيّ قيمة، وكما يقول ماكسيموس (راسل كرو) في فيلم المصارع، "الصدى في الخلود".
إذا اضطر فرجل أن يؤكد للبطلين الطرواديين، نيسوس وايريالوس، أنه لن يسمح بنسيان موتهما المُشرّف، فإن المسلمين لا يحتاجون إلى وعد شاعر، أو دور فني ليُخلّد ذكراهم. كما يخبرنا القرآن، لا يرضى الله لعباده الخطأ، ولا يدع أعمالهم تمرّ بدون مكافأة عليها. " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ". وسيكون جزاء المسلم الّذي يموت في سبيل الله الخلود حتّى لو مات في أرضٍ غريبة، أو في ظلمة الليل، أو مجهول ومنبوذ، فالله سبحانه يرى أعماله، وسيصلِّ عليه جميع الخلق كما يقول الرسول :ﷺ "...حتّى النملة في جحرها وحتّى الحوت ليصلّون على مُعلّم الناس الخير"، وسينعمون في جنّةٍ تحيتهم فيها "سلامًا"، وسيُصفح عن كلّ آثامهم وتُغفر جميعها.
لنعد إلى المأزق الحقيقي الّذي علينا مواجهته، والعقدة الّتي علينا حلّها. بكلّ تأكيد، لا يُعدّ السعي خلف الموت للخداع أمرًا غريبًا في الثقافة الغربية. أيضًا، يسعى المسلمون للخلود عن طريق حسن الخاتمة، ولكن، ما هو "سبيل الله" الّذي يخبرنا عنه القرآن بأنه الطريق الّذي يموت من أجله المسلم ليصبح شهيدًا؟ عن أبي موسى الأشعري (ورد الحديث في صحيح البخاري، وسنن الترمذي) قال: سأل رجل النبي ﷺ عن الرجل "يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء. أي ذلك في سبيل الله؟ فقال الرسول ﷺ من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله."[13] لتكون كلمة الله هي العليا...ما معنى هذا، وما هي الكلمة الّتي يُفترض أن يُعليها الشهداء؟ في الإسلام، كلمة الله هي القرآن وهداياته. يقول الله -عز وجل-في القرآن بأنه جعل كلمته ملموسة في شخص المسيح ورسالته، ووعده الأبدي بنجاة عباده المخلصين:
أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64). (القرآن 10: 62-64).
إن كلمة الله هي الرسالة الدائمة لكلّ أنبيائه، وكلّ رسله: إبراهيم، وموسى، ونوح، وعيسى ومُحمّد (عليهم جميعًا السلام). ويعني جعل كلمة الله الدائمة عليًا رفع راياتهم عاليًا، ونصر المظلوم، والمطالبة بالعدالة، وإسقاط دين الفقير المحتاج، وتنفيذ أمر الله الرحمن الرحيم الرئيسي.
نعرف جميعًا أن كلمة الله هي نبراس المعرفة الّذي لطالما أضاء العتمة، ولكن عندما ننظر، نحن المسلمون، اليوم حولنا نجد استخدام كلمة الله في القتل والإبادة. إن عبارة "نقاتل لنجعل كلمة الله هي العليا" الّتي وردت في الحديث الّذي ذكرناه اقتُبست بشكلٍ مخيف في تعليق على مقطع فيديو عن هجوم انتحاري حدث على فندق ببغداد؛ ويعلّق القائل بأن هؤلاء المحاربون يقاتلوا "لتكون كلمة الله هي العليا"، "وفي عام 1970، قال محمد عبد السلام فرج، من جماعة الجهاد: أن الغرض من شهادة المسلمين هو الموت لتكون كلمة الله هي العليا".
ولكن، عندما نحاول، نحن المسلمون، توضيح معنى الجهاد للآخرين بأنه النضال في سبيل الله، وجعل كلمته هي العليا، فإنهم يردّون علينا قائلين "ما يحدث هو استخدام غير دقيق وعابر لمفهوم "إعلاء كلمة الله" لا ينتج عنه سوى التشويه وإراقة المزيد من دماء الأبرياء، وأنه على المسلمين التبرؤ كليًّا من معتقد الشهادة في سبيل الله لأنه لا يتسبّب إلّا في مقتل المدنيين من المسلمين وغيرهم.
أمّا ردّي على هذا بسيط جدًا: ربما تكونوا على حقّ، وقد يُسيء المسلمون استخدام مفهوم "الموت لإعلاء كلمة الله"، قد يكون هذا الرأي هو الصواب المُطلق، ولكن، إن كان هو الصواب المطلق فالأمر ذاته ينطبق على الأمّم الّتي تموت في سبيل المجد، وكليوس، ودوم، والشرف، والرفعة والواجب؛ فلأجل تلك الكلمات قامت الحروب الأكثر دموية، أكثر المذابح عرقية حتّى أكثر مما نراه اليوم في سوريا والعراق. كم عدد الّذين ماتوا في أوروبا بسبب المستودعات الألمانية في سبيل مجد الجيل الثالث (الرايخ الثالث)؟ كم عدد الّذين ماتوا في غرف المحارق النازية بسبب كلمة الواجب؟ لننظر إلى كلمة الساموراي الّتي قادت 47 من مشاهير الساموراي في عملهم البطولي للانتقام لسيدهم، "غرض نبيل"، يخبرنا راوي القصة، "ما الّذي سيمنحهم الوفاء والاستقامة ليتردد صداهم في كلّ العصور." لنستمع إلى كلمة واحد من هؤلاء الساموراي:
لا أعلم إن كانت [أعمالي] ستجلب الفناء لبيتي واليأس لزوجتي، ولكن كساموراي أدين بسيفي لإله الحرب.[14] كم عدد الأسر الّذين شردهم المجد والشرف؟ كم عدد الآباء الّذين ذُبحوا أبناءهم، وكم عدد الأطفال الّذين كبروا أيتامًا؟ ولكن لا تزال كلمات مثل الشرف والمجد والرفعة تحرّك قلوبنا للنبل والرغبة في حسن الخاتمة. إننا لا نحمّل تلك المفاهيم مسؤولية أي أخطاء ارتُكّبت باسمهم؛ فتلك المفاهيم محفورة على الحجر الأساسي لتاريخنا الغربي، وهي الركائز التاريخية الّتي من أجلها حفر آباؤنا الأوائل بحثًا عن الذاكرة الخالدة، والعملة الّتي لا تزال قلوبنا البغيّة تحنّ إليها اليوم بلا انقطاع.[15] من يشكك في قيمة المجد والخاتمة الحسنة؟ ليس فرجل، ولا هومر، ولا هيرودوت ولا بيوولف... ولا العظماء، ولا هؤلاء الملايين الّذين لا يزالون يقرأون كلماتهم حتّى اليوم. والآن، لنجعل-نحن المسلمون-الموت لتكن كلمة الله هي العليا شيء نبيل في عيون من حولنا. كانت هناك قصة عن طالب مسلم مات محاولًا إيقاف رجل مجنون وحماية زملاءه، ويُقال إن الحادثة وقعت عندما كان قاتل فرجينيا تيك في حالة هياج. ليس لّدي فكرة عن صحة الواقعة، ولكن، لنفترض أنها صحيحة، وأن كلّ أمريكي قد سمعها، يا له من تغيير جذري قد يحدث لعقول عموم الأمريكيين ولمفاهيمهم عن شهداء المسلمين والجهاد. ماذا لو عُرف المسلمون على أنهم الّذين يضحّون بأرواحهم بدون تردد لإنقاذ حياة الآخرين، وللتخفيف من حدة الألم، ولإنهاء الظلم بطرقٍ سلمية-قد تكون هي الطرق الناجحة في هذا العصر؟ لماذا لا نأخذ تلك الأفعال وسيلة لجعل كلمة الله هي العليا؟
تُشتقّ الكلمة الإنجليزية "شهيد" من الكلمة اليونانية "لتشهد"، وهذا بالضبط هو المعنى العربي لكلمة شهيد الّتي استخدمها القرآن ليصف الّذين يموتون في سبيل الله. وما معنى تقديم روحك فداءً لمعتقدك-كما فعل اليهودي الّذي وقف ضد الاحتلال الروماني في مسعدة، وكما فعل القديس المسيحي بولي كارب الّذي وقف ضد الاضطهاد الظالم، وكما فعل مارتن لوثر كنج، وليس هذا من خمسين عامًا مضت-هو الإقرار الكلّي أنه بإمكان الشخص التضحية في سبيل إيمانه.
ماذا لو استبدل المسلمون كلمة الشهادة بفكرة "لتشهد"؟ ماذا لو أخذنا الشهادة بمعنى لتشهد أي نرغب بالموت في سبيل الله الّذي أخبرنا أن إحياء نفسٍ واحدة تساوي إحياء كلّ البشرية، وأن الوقوف ضد الظلم أعلى مراتب الإيمان، وكذلك إطعام الغريب واليتيم، وإيواء الفارين من الحرب (اللاجئين) هي واجبات كلّ فردٍ منّا؟ وكما يخبرنا القرآن (41:33)، "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ". وكما أوضحت شخصية ويل فريل، فإن الموت دافعًا الطفل بعيدًا عن طريق الأتوبيس هو عمل بطولي، وخاتمة حسنة، للمسلم، والأمريكي، وليس شيئًا مخيفًا وغريبًا.
[1]انظر جلال الدين السيوطي، أبواب السعادة في أسباب الشهادة؛ أبو بكر الآجري، صفات الغرباء من المؤمنين (الكويت: دار الخلفاء‘، 1983)، 20،66-68.
[3] انظر اريك لاجينباتشر، "الحلفاء في الحرب العالمية الثانية: القصف الأنجلو-الأميركي للمدن الألمانية"، عن الإبادة العرقية، وجرائم الحرب والغرب، تحرير: آدم جونز (لندن: Zed Books، 2004)، 118-119.
[4] ملحمة الأوديسة، كتاب 24:90-110 (انظر ترجمة فاجيلز، صـ471).
[5] بيندر، قصائد النصر، ترجمة فرانك نيسيتش (بالتيمور: منشورات جامعة جون هوبكنز، 1990)، 159.
[6] فرجل، أينيد، 9. 446(ترجمة روبرت فاجيلز).
[9] ابن اسحاق، سيرة محمد، ترجمة أ. جوليانو (منشورات جامعة أكسفورد، 1955)، 300.
[10] أتخيّل المسرحية البريطانية الناجحة، تحوّلت إلى فيلم عام 2011، حصان حرب، الّتي لحنها الرئيسي هو:
تلاشوا مثل النجوم في الصباح
واختفي ضوئهم خلف الشمس
فهل سنترك الأرض وكدحها،
فقط نُذكر بأفعالنا.
[11] تاكيدو ايسومو، ميوشي شوراكو وناميكي سينارو شويشينجو، (كنز الحاشية المخلصة)، ترجمة: دونالد كين. (منشورات جامعة كولومبيا، 1971)، 29.
[12] أرى قبر نخام بخيل بماله كقبر غوي في البطالة مفسد.
[13] صحيح البخاري: كتاب العلم، باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا.
[15] بالطبع! هكذا سخر الشاعر ويل فريد أوين، الّذي قُتل في الحرب العالمية الأولى قبل أيّام قليلة من انتهائها، من الشاعر الروماني هوريس الّذي يقول "إنه شيء لطيف وملائم أن يموت الشخص من أجل بلده".